الهادي الجيلاني رئيس منظمة من أجل الحقيقة و العدالة لفرحات حشاد
نفثت صحيفة « كل الناس » (20/26 مارس 2010 ) مرة أخرى سمومها فكان هذه المرة الضحية كل من السادة « باتريك بودوان » المحامي الرئيس الشرفي للفدرالية الدولية لمنظمات حقوق الإنسان و « ميشال توبيانا » المحامي الرئيس الشرفي للرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان … و السيد عبد السلام جراد الكاتب العام للاتحاد العام التونسي للشغل.
تحت عنوان مبتذل و سلسلة من الأكاذيب و الترهات تهجمت هذه الجريدة (المٌجرّدة من أبسط المبادئ الأخلاقية الواجب توفرها لدى كل صحافي جدير بالانتماء إلى هذه المهنة النبيلة) على امتداد صفحتين كاملتين على السادة المذكورين آنفا ناعتة إياهم —بالخصوص المحاميين « توبيانا » و « بودان »— بأقبح النعوت و أشدها وقعا على شرف الإنسان و كرامته (« القذارة » ، « البؤس » ، « العمالة » ، « اليهودي القذر » …الخ)
هكذا تكافئ صحافة الرداءة و الابتذال انخراط « الفدرالية الدولية » و « الرابطة الفرنسية » في تتبع من نوّه بقتل الزعيم النقابي و الوطني الشهيد فرحات حشاد. فالرجلان يمثلان هاتين الجمعيتين العريقتين في الدفاع عن حقوق الإنسان بما في ذلك حقوق المهاجرين (من بينهم التونسيين) المقيمين في فرنسا…
هكذا ترد صحيفة الانحطاط و السب الرخيص على من شارك مشاركة فعالة ، دون مقابل و دون انتظار الجزاء أو الشكور ، في إعداد ملف الدعوى القضائية ضد « أنتوان ميليرو » (عضو المنظمة الإرهابية « اليد الحمراء » الذي مجّد و نوّه بإغتيال حشــاد) حتى يوضع حد لإفلاته من العقاب…
أين « كل الناس » من أخلاقنا العربية الإسلامية التي تقتضي الردّ على التحية بمثلها أو بخير منها ؟ أهكذا يجازي وطن حشـــاد من قضّى الليالي الطوال يبحث عن الطريقة (القضائية و القانونية) الأكثر نجاعة التي تخولنا نحن التونسيين من أن نقاضي قتلة الشهيد حشـــاد ؟
لا شك أن الجهل نقمة … غير أن التجاهل قصد التشويه و الإساءة « المجانية » للغير ، خاصة حينما يكون هذا « الغير » قد أحسن إلى شعب بأكمله عبر تقديمه يد المساعدة الطوعية لمقاضاة من تطاول على ذاكرة شعب برمّته ، يعتبر جرما لا يحتمل السكوت من أي كان … و التنديد به و فضحه أمام عموم التونسيين واجب يخضع للمسائلة و المحاسبة.
لماذا تُرغي و تُزبد صحيفة العار على ثنائي المحامين الفرنسيين الذين ناشدتهم منظمة » الحقيقة و العدالة لفرحات حشاد » كي يساعدوها على تتبع عضو « اليد الحمراء » الذي نوّه و مجّد و تباهى باغتيال الزعيم فرحات حشاد يوم 18 ديسمبر 2009 بقناة الجزيرة الوثائقية ؟
الأكاذيب (« جواسيس الموساد »، « عملاء الإمبريالية و الاستعمار »، « أعداء تونس » ، الخ) مرتذلة غاية الإرتذال و لا تصمد لحظة واحدة أمام البرهان المعاكس ، و هي لا و لن تنطل على أولي الألباب :
فلا تقبلنّ ما يخبرونك ظــــلّةً إذا لم يؤيد ما أتوك به العــــقل ( كما يقول المعرّي.)
و العقل —في أدنى ملكاته— يقتضي منا أن نميّز بين « باتريك بودوان » النائب بالبرلمان الفرنسي و « باتريك بودوان » المحامي الرئيس الشرفي للفدرالية الدولية. غير أن « محترفي الكذب » لا يتورعون عن إضمار مثل هذا الخلط الفاضح قصد المغالطة و التقذيع لا غير.
و أما السبب الحقيقي وراء هذه الهجمة الدونكيشوتية المسعورة فهو تَجرّؤ الأساتذة « بودوان » و « توبيانا » على انتقاد واقع الحريات في تونس، تماما مثلما ينتقدان تراجع نفس الحريات في فرنسا و استهداف سياسة الحكومة اليمينية الفرنسية للمهاجرين. ففي كل المجتمعات الديمقراطية تمارس منظمات حقوق الإنسان (مثل « الفدرالية الدولية لمنظمات حقوق الإنسان » و « الرابطة الفرنسية للدفاع عن حقوق الإنسان » و « منظمة العفو الدولية » … الخ) دورها النقدي بكل حرية دون أن تتعرض للمضايقة أو المنع أو التشهير…
هذا هو السبب الكامن وراء حملة التشهير و التحقير التي تستهدف المحاميين الفاضلين و كل نشطاء حقوق الإنسان بدءا برئيس الرابطة التونسية و رئيس « اللجنة من أجل احترام الحريات و حقوق الإنسان في تونس » و الناطقة الرسمية باسم « المجلس الوطني للحريات » الخ.
في هذا الإطار تندرج أيضا التهجمات التي استهدفت ، و للمرة الأولى، الكاتب العام لإتحاد الشغل ، السيد عبد السلام جراد الذي قدم شكوى باسم المنظمة الشغّيلة أمام القضاء الفرنسي بتاريخ 17 مارس 2010 ، بعد يوم واحد من تقديم شكاية من طرف عائلة الشهيد حشـــاد و الفدرالية الدولية و الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان ضد « أنتوان ميليرو »، أمام عميد قضاة تحقيق المحكمة الجنائية بباريس، بسبب تنويهه بجريمة الحرب التي أودت بحياة الزعيم النقابي و الوطني فرحات حشاد.
لنفترض جدلا أن الإتحاد العام التونسي للشعل كان قد قدم شكواه بمعية عائلة الشهيد و المنظمات الحقوقية (و هو أمر غير صحيح نظرا لإصرار « الإتحاد » على تقديم شكواه بمفرده) فهل أن هكذا تمشي مدعاة للتنديد و التشهير ، علماً و أن الأمر يتعلق بالذاكرة الجمعية لمجمل التونسيين و يعلو (و يرقى) على كل التمايزات السياسية و العقائدية … ؟
نحن داخل منظمة « الحقيقة و العدالة لفرحات حشاد » نؤمن بوحدة الصف الوطني في مواجهة أعداء شعبنا و من بينهم قتلة حشـــاد الذين و للأسف أفلتوا من العقاب فيما يتعلق بجرائم الحرب التي ارتكبوها…. و لكن نعاهد عائلة الشهيد و أبناء شعبنا على أن نبذل كل ما في وسعنا كي لا يفلتوا مرة ثانية بمناسبة تمجيدهم لما ارتكب من جرائم …. و إننا في ذلك لا نخلط الحابل بالنابل لجهة أننا واعين تمام الوعي بأن الفرنسيين ليسوا « كتلة هلامية » و أنه يوجد بينهم الكثير ممن هم يٌدينون هذه الجرائم الشنيعة التي لا تغتفر و يناصرون كل القضايا العادلة ، شأنهم في ذلك شأن إخوتنا العرب (لا سيما المغاربة و الجزائريين الذين اكتووا هم أيضا بنار حقد و عنصرية « اليد الحمراء ») و الكل عبروا عن مساندتهم لنا عبر حضورهم المكثف أمام قصر العدالة يوم تسجيلنا الشكوى (16 مارس 2010) ….
و أننا سنعمل مع كل هؤلاء ، يدا بيد، من أجل إعلاء الحقيقة و إنصاف الشهداء و إرساء دعائم الصداقة الحقّة بين الشعوب ، لا سيما بين الشعبين التونسي و الفرنسي ، بعيدا عن عقلية الانتقام و الكراهية أو التشفي… و أن مشاركة الحقوقيين و النقابيين الفرنسيين معنا (وبمساندة أشقاءنا العرب) في القضية التي بادرت برفعها منظمة « الحقيقة و العدالة لفرحات حشاد » باسم عائلة الشهيد حشاد و « الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان » و « الفدرالية الدولية لمنظمات حقوق الإنسان » لهي خير دليل على تآزر الشعوب ضد المظالم الاستعمارية و نصرتها للحق و العدل.
» الحقيقة و العدالة لفرحات حشاد »
الرئيس : الهادي الجيلاني
باريس في 21 مارس 2010